مارس 23, 2023 @ 17:24

صديق البادي

الجيش السوداني الباسل تاريخه أبيض ناصع وزاخر بالأمجاد والبطولات والإنتصارات والإنضباط والقوة والصلابة وحماية الأرض والعرض والزود عن حياض الوطن وصون سيادته وعزته وهو من أقوى الجيوش في كافة النواحي وعرف بقوة تسليحه وترسانته وتصنيعه الحربي المتقدم ويعج بالكفاءات العسكرية في كافة المجالات والتخصصات من الذين درسوا وتدربوا بالكلية الحربية ونالوا بعد ذلك دراسات عليا في أرفع الأكاديميات العسكرية ويضم عدداً كبيراً من حملة الدرجات العلمية الرفيعة في الطب والهندسة والقانون والاقتصاد والإدارة والإعلام والطيران والدراسات الاستراتيجية و… الخ وبذات القدر فأن ضباط الصف والجنود نالوا تدريباً كافياً وافياً وإكتسبوا خبرات وقدرات ومهارات عسكرية وظل الجيش في تاريخه الطويل وما فتئ يضم عدداً من المبدعين وأصحاب السيف والقلم. ومنذ أن كان الجيش يسمى قوة دفاع السودان إلتحق به منذ وقت باكر عدد من أبكار خريجى كلية غردون التذكارية الذين نالوا تعليمهم وتدريبهم بعد ذلك بالمدرسة الحربية وإنخرطوا في سلك العسكرية وأذكر من هؤلاء على سبيل المثال الأميرلاي عبدالله بك خليل الذي تخرج برتبة ملازم ثاني وعمل أكثر من ثلث قرن من الزمان بالجيش حتى تقاعد بالمعاش وهو أول ضابط سوداني ينال رتبة أميرلاي وهي تعادل الآن رتبة عميد وأول سوداني تقلد منصب القائد العام للجيش بعد السودنة وجلاء الأجانب هو الفريق أحمد باشا محمد وقاد الجيش وهو برتبة لواء وعندما كان على مشارف التقاعد ونيل المعاش فأن الأميرلاي عبدالله خليل رئيس الوزراء بوصفه وزيراً للدفاع أوصى برتقية اللواء أحمد محمد قائد الجيش لرتبة فريق وبعد أخذ ورد منح هذه الرتبة، وخلاصة القول أن الضابط العظيم عبدالله خليل رغم تأهيله الأكاديمى وتدريبه العسكري وخدمته الطويله الممتازة تقاعد وهو برتبة أميرلاي، وأن الضابط العظيم أحمد باشا محمد رغم تأهيله الأكاديمى وتدريبه العسكري وخبرته الطويلة الممتازة لم يحصل على رتبة فريق إلا وهو على أعتاب المعاش، والآن كثر عدد حاملي هذه الرتبة من العاملين في القوات المسلحة وهذا أمر لا غبار عليه لتوسعها وزيادة عمل العاملين المؤهلين بها ويمكن أن يكون هذا الأمر مقبولاً حتى بالنسبة للعاملين في قوات تعمل تحت إمرة القوات المسلحة بتكليف رسمي منها ولكن المؤسف أن هذه الرتبة العسكرية الرفيعة أصبحت يدعى حملها وحمل بطاقتها عدد كبير من الذين لم يعملوا في القوات المسلحة ولو لمدة يوم واحد ولم يمروا بأية معاينات وليست لهم ملفات خدمة ومع فائق الإحترام والتقدير لكافة المهن إلا أن معلومات مؤكدة وردت في الصحف مفادها أن أحدهم كان يعمل في خدمة قيادات إحدى الحركات المسلحة يحمل الآن رتبة وبطاقة فريق (وهانت الزلابية حتى أكلتها بنو قريظة) أما بقية الرتب الكبيرة الأخرى لواء .. عميد … الخ فأن حامليها وحاملي بطاقاتها لا يحصى عددهم ولا يعد وكل هؤلاء ينتمون للحركات المسلحة والمفترض أن تكون كل الحركات المسلحة التي وقعت على إتفاقايت السلام في جوبا قد وضعت السلاح قبل عامين وثلاثة أشهر وتبعاً لذلك تسقط تلك الرتب الوهمية التي كانت تمنح بطريقة عشوائية، ودكتور عبدالله حمدوك عندما كان رئيساً للوزراء كان هو أول من وصف تلك الحركات الحاملة للسلاح بأنها حركات الكفاح المسلح ولعل سيادته فعل ذلك لدغدغة عواطفها والسعي لكسب ودها وتجنب شرها وكان ينادي بإعادة هيكلة القوات المسلحة لتدمج تلك الحركات المسلحة فيها وفق عقيدة عسكرية جديدة نادى بها غيره من ذوى الياقات البيضاء الذين ليست لهم علاقة بالعسكرية وكانت منطلقاتهم سياسية وبينهم وبين القوات المسلحة ود مفقود، وأن وصف حركات الكفاح المسلح تنطبق مثلاً على حركة (الماو ماو) التي حملت السلاح في كينيا ضمن وسائل الكفاح الأخرى في مرحلة التحرر الوطني لنيل استقلالها، وينطبق هذا الوصف على الكفاح المسلح الذي دار في الجزائر بلد الميلون شهيد حتى نالت استقلالها في عام 1962م. وفي السودان فأن السعي لإزالة المظالم والمطالبة بنيل الحقوق هو أمر مشروع وبالطرق السليمة طالب مؤتمر البجا الذي كان يرأسة المربي والبرلماني الأستاذ عبدالقادر أوكير قبل عدة عقود خلت من الزمان بتنمية وتقديم الخدمات للمناطق المهمشة بشرق السودان وفي النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي أقيمت جبهة نهضة دارفور برئاسة الأستاذ أحمد إبراهيم دريج وضمت نواباً ينتمون لمختلف الأحزاب وكان هدفهم هو الحصول لدارفور بالسلم على حقوق مواطنيها المشروعة في التنمية والخدمات وإزالة المظالم التاريخية عنهم. وقاد الأب فيليب عباس غبوش الكفاح السلمي وأقام بحكمة وإقتدار تنظيماً كان يحمل اسم جبال النوبة كانت له كتلة برلمانية معتبرة في عهد الديمقراطية الثانية وفي الديمقراطية الثالثة فاز الأب فيليب في إحدى الدوائر بالعاصمة القومية في منطقة الحاج يوسف وخاض تلك الإنتخابات باسم الحزب القومي السوداني الذي أنشاه وفاز معه ونال عضوية الجمعية التأسيسية ثمانية نواب آخرين من شباب جبال النوبة النابهين المحترمين وقاد الأب فيليب في مسيرته السياسية الطويلة كفاحاً سلمياً ودافع عن حقوق جبال النوبة وحقق الكثير من الإنجازات وكافح ودافع بمنطقه ولسانه لا بسنانه وكان خطيباً جماهيرياً مفوهاً صريحاً ومحبوباً ولم يحمل سلاحاً أو يرق دماً… أما بالنسبة لحمل السلاح فقد دارت بين الشمال والجنوب حرب إمتدت لنصف قرن من الزمان تخللتها فترة هدنة إمتدت لأحد عشر عاماً بعد توقيع إتفاقية أديس أبابا. وبعد توقيع إتفاقية نيفاشا في عام 2005م توقفت الحرب المباشرة بين الشمال والجنوب وأعقبتها في السنين الأولى بعد إنفصال الجنوب حرب باردة ذات أبعاد اقتصادية ومناوشات عسكرية جنوبية ضد الشمال وكلفت بالقيام بها الفرقتان التاسعة والعاشرة الشماليتان اللتان كانتا تتبعان للقيادة العامة لجيش الحركة الشعبية بجوبا وبالتدريج تحسنت العلاقات بين الدولتين الجارتين وأصبحت طبيعية ويأمل الجميع في جوار آمن يتبعه تعاون وتبادل للمنافع.
… وإشتعلت قبل عشرين عاماً شرارات حرب في دارفور أدت لقيام عدد من حركات التمرد الحاملة للسلاح التي تكاثرت وتناسلت حتى بلغت الآن أكثر من ثمانين فصيلاً أو حركة صغيرة متمردة ولكل منها قائدها وقياداتها وأبرزها وأكبرها حركتين أو ثلاث حركات وكان بالإمكان إطفاء شرارات التمرد في مهددها إذا أجريت مفاوضات وجلسات حوار للوقوف على مطالبهم والوصول لحلول توفيقية معهم ولكن التسرع وإطلاق العنان للسان بلا ميزان بألفاظ جارحة وشتائم بذيئة من قبل بعض الحاكمين في لحظات غرور سلطوي أدت لغضب وردود فعل غاضبة وتعاطف إثني وقبلي وشعبي على المستويات المحلية والمناطقية مع تلك الحركات التي بدأت صغيرة وتملك اسلحةً صغيرةً قليلة وكانت فقيرة لا تملك مالاً ووجدت بسرعة شديدة مساعدات محلية ودعماً خارجياً سخياً مالياً ولوجستياً وإعلامياً وأخذت جل الإذاعات والفضائيات الغربية تركز في نشراتها الأخبارية على ما كانت تطلق عليه المأساة الإنسانية في دارفور والإبادة الجماعية فيها وكانت تصنع من كل حبة صغيرة قبة كبيرة وهمدت وخمدت تلك الحملة الإعلامية المسعورة وإنتهت تلك الفورة الأندروسية الإعلامية بعد أن إتضح لتلك الإذاعات والفضائيات أنها كانت مضللة وتنشر هراءً فيه مبالغات. وإمتلكت الحركات المسلحة المال الوفير والسلاح الكثير والعربات ذات الدفع الرباعي وغيرها وبعد أن استغلط عود تلك الحركرات أصبحت تهدد الأمن القومي وأصبح هدفها الأساسى هو اسقاط النظام الحاكم وأهملت المطالب الدارفورية المتعلقة بالتنمية والخدمات والنهضة الشاملة فيها واسدلت ستار النسيان عليها وكل ما تحقق في دارفور الكبرى بولاياتها الخمس ومحلياتها (محافظاتها) التي تجاوزت الثمانين ووحداتها الإدارية التي بلغت المئات في مجال الخدمات والتنمية المحلية تحقق بالسلم وليس للحركات المسلحة دور فيه وبعضهم كان ولا زال يحمل السلاح من أجل هدف واحد لا يحيد عنه قيد أنملة هو إقامة دولة علمانية في السودان وفصل الدين عن الدولة وليست له قضية أخرى سواها ومن حقه أن يعمل لتحقيق هدفه عبر القنوات السياسية والإعلامية مع الإحتكام للشعب لتكون صناديق الإقتراع هي التي تقرر خيارات الشعب دون العمل على فرض رؤاه قهراً وقصراً بتهديد السلاح وأنوف جميع راغمةً في التراب وفي هذا ديكتاتورية. والواقع يؤكد أن جل الحركات الدارفورية المسلحة لم تقدم لدارفور إلا زعزعة الأمن وزيادة حدة الصراعات الأثنية والنعرات العنصرية الجاهلية (زرقة وعرب) وبسبب الإقتتال والحرب التي تتحمل مسؤوليتها الحركات المسلحة والنظام السابق أقيمت معسكرات النزوح التي يسعى بعض المستفيدين من وجودها لتستمر إلى الأبد بسبب خواجات يتسولون باسمها بجمع التمويل المالى والعينى وإعطاء النازحين الفتات وأخذ الباقي مع وجود منظمات كثيرة تتاجر بهذه المعسكرات وتثرى وتستفيد مادياً من وجودها….. وقبل وبعد نشوء الحركات الدارفورية المسلحة لقيمت حركات مسلحة في حدود السودان الشرقية تحمل مسميات عديدة وبعضها كان له معسكرات ووجود بأريتريا وبعض هذه الحركات (أكرر بعض لا كل) كانت تجتاز حدود السودان الشرقية وتقوم تحت التهديد بالسلاح بإيقاف البصات والمركبات الخاصة ونهب راكبيها كل أموالهم ومقتنايتهم وتجريد النساء من حليهن وذهبهن ونسأل الموظف الأممي المرموق الزراعي والخبير الإقتصادي دكتور عبدالله حمدوك هل يعتبر هذا كفاح مسلح أم إجرام مسلح؟!

ويدور الآن حديث كثير عن دمج الحركات المسلحة في القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى وأن كل مقاتل إنضم لأية حركة مسلحة ينتمي إليها بمحض إختياره وإرادته الحرة ولم يجبره أحد على ذلك هو حر في قناعاته وإختياراته. وأن ملايين المواطنين لا يعملون في مؤسسات الدولة وليست لهم مرتبات وتبعاً لذلك ليس لأي واحد منهم حقوق ما بعد الخدمة وهذا القول ينطبق على المقاتلين في الحركات المسلحة وليست له ملفات خدمة في الدولة وليست لهم حقوق ما بعد الخدمة. وحقوق ما بعد خدمتهم عند قيادات حركاتهم لتمنحهم لها من أموال الحركات وعائدات مبيعات المعدات وعلى تلك القيادات توفيق أوضاعهم ليعودوا لمهنهم السابقة أو مساعدتهم لإيجاد مهن بديلة مع استيعاب من يستوفون الشروط الواجب توفرها في الذين تسمح الميزانية العامة لاستيعابهم في دفعات متتالية في القوات المسلحة أو القوات النظامية الأخرى وقد لا يرغب كثير من هؤلاء المقاتلين في استيعاببهم ودمجهم لأن المرتبات قد لا تكفيهم أو لأي سبب آخر والمهم أن على قيادات الحركات المسلحة واجب أخلاقى وإنسانى بضرورة حسم موضوع المقاتلين الذين كانوا منخرطين في حركاتهم وعليهم عدم إهمالهم أو جعلهم مخدرين ومعلقين في إنتظار الدمج الذى لا زال معلقاً في الهواء. وبعض السياسيين أصحاب الأجندات والإرتباطات الأجنبية يكثرون الحديث عن إعادة تشكيل القوات المسلحة بدمج مقاتلي الحركات المسلحة فيها ولا يهمهم كثيراً مصير المقاتلين في هذه الحركات ولكنهم يتخذون ذريعة الدمج لإضعاف القوات المسلحة… والسودان بعد قرارات الفرق أول عبدالفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر عام 2021م قبل خمسة عشر شهراً ظل في حالة فراغ دستوري بلا رئيس وزراء وبلا حكومة فعلية وبلا مجلس تشريعى إنتقالى… الخ وفي ظل ظروف دولة اللادولة تردت وساءت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية وفي ظل الضعف الماثل سرحت ومرحت عدد من السفارات الأجنبية وصارت تحشر أنوفها في أخص الخصوصيات ولا يخفي الخواجات والأجانب وصيتهم سعياً لإضعاف الوطن تمهيداً لتقسيمه ولذلك فإنهم يبذلون قصارى جهدهم لإضعاف القوات المسلحة وكسر شوكتها وإثارة الفتنة بينها وبين الدعم السريع وتتعامل الآن مع السودان كأن به جيشين. والدعم السريع جزء مهم من القوات المسلحة وله مهام يؤديها والعين لا تعلو على الحاجب وكل قيادات القوات المسلحة مجمعة أن يكون سلاح الطيران وسلاح المدرعات قاصران على القوات المسلحة فقط مع ضرورة التعاون بين القوات المسلحة والدعم السريع. والجيش هو جيش السودان لا جيش البرهان والجيش السوداني الباسل خط أحمر.


اضغط هنا للانضمام لمجموعات الانتباهة على تطبيق واتساب